تابعني على تويتر

الأحد، 29 ديسمبر 2013

مشكلة الخلود و الإنسان ...


طرحت قبل سنتين في مدونتي الجميلة و صندوق أفكاري تدوينة بعنوان " لماذا خلقنا الله؟!.. " و كانت أول مرة أمسك فيها قلم و حبر أفكاري لأصيغها على شكل كلمات تصف ما يجول في داخل عقلي ليراها الناس في شكل ما .. و هو السؤال الذي لم أصل و لن أصل الى اجابة عليه .. تفاعل معي الكثير ... منهم الناصح و منهم المستنكر و منهم من تاه و منهم من نظر لي بنظرة الشفقة كيف لهذا الغبي ان يفكر بمثل هذه الكيفية ؟ .. و هذا السلوك الطبيعي لنا معشر البشر إذ نصنع لأنفسنا صناديق نضع بداخلها الناس لمعرفة كيفية التعامل معها و كأننا بالضرورة أن نتعامل معها .. مما أدى بي أو ألهمني لخط تدوينة أخرى بعنوان " لكل فعل ردة فعل .. " بعد صدام عنيف مع البعض في موضع آخر ..

في نقاش عصف فكري و تفكير بصوت عالٍ بدأت نقاشي مع أحدهم لأُلهم الجرأة لطرح أمر قد يكون تصوري عنه جريء بعض الشيء عن الخالق و التزامنا بالنصوص التي وردتنا عن الخالق و التي بلا شك ستحد من مساحة الحرية الفكرية لنا في المحصلة النهائية .. فبعد نقاشي مع أحد رجال الدين ممن يتبعون المذهب الشيعي يوما ما كان أول سؤال طرحته عليه هو " هل مذهب الشيعة مذهب عقلي أم نقلي؟ " فأجابني دون تردد بأنه عقلي يدعمه النقل .. و هو أمر جميل نظريا و لكن عملياً سيعيق الكثير من حراكنا الفكري في النتيجة .. فعند وصول العقل الى يقينٍ بمصدر النقل لا بد و ان نعود لنفس النقطة و هو " النَّص " و بالتالي تعطيل جانب يكبر و يصغر حسب العقل المتلقي ..

بلا أدنى شك كلامي غير مقبول بالنسبة للمؤمنين بأي قضيةٍ ما ينتمون الى أي مدرسة فكرية كانت يترأسها بشر بعيداً عن التمثيل بأشخاص أو مناهج .. و لكني أردت مشاركة الآخرين ما يجول بخاطري عله يكون مفيداً لأحدهم ليبدأ العمل و المضي قدماً باتخاذ خطوة الى الامام و بدورها تكون نهاية العهد القديم و بداية عهد جديد أجمل من زاوية المتقدم ..

النصوص تدلنا على أن الرب يتجلى في صورة مخلوق رغم ضعف المخلوق نسبةً لخالقه و مع هذا يظهر له في صور عدة لو تفكرنا قليلاً لوجدناه من حولنا في كل مكان .. مما يوافق النصوص و هنا أريدك عزيز القارئ و عزيزتي القارئة للتفكر في كلامي و صياغة أمثلة ما بينكم و بين عقولم و لوحدكم فيما ذكرت و ستجدونه أمامكم بوضوح ..
بعد اتضاح الخالق لكم هذا القوي و المثالي و الجميل .. فلنسأل عقولنا ..هل هو ضعيفٌ لحد أن يتجلى في مخلوقاته؟ أم لضعف عقولنا و قلة إدراكنا نراه في صور ضعيفة يحدها بشيء أو بشر أو فكرة حتى تدور في مخيلتكم ؟ .. طبعاً الجماعة المؤمنة بشدة ستميل دون تفكير إلى الخيار الثاني لحل هذه المعضلة التي ستضرب الكثير من مما يعتقدون و خوفهم من مجابهة واقعٍ ما يحد من مجال حراكهم العقلي .. ولا ألومهم و لست بصدد لوم أحد فهناك كثير من الظروف التربوية جعلتهم جبناء إلى الحد الذي يجبرهم على "حد" عقولهم بالأشياء ..

ذات مرة قبل أكثر من سبع سنوات و في نقاش مع أحد الأصدقاء كان يصيغ لي تمثيلاً للجنة التي يصفها النص بطريقة مغايرة تماماً للنص الذي نتداوله و هي أن الجنة كما لو تكون دار عبادة نعبد فيها خالقنا بشهوة عارمة و إشباع لا محدود بعبادته –أي الخالق- و لكن لضعف إدراكنا و اهتمامنا بما بين أرجلنا و بطوننا راح يمثله لنا بشكل أهم الشهوات التي تشغل عقولنا و هي "الجنس/الطعام" فلو راجعنا النصوص الدينية كلها تدور حول هذا المحور .. المحور الذي لا نريد فهم غيره و لكننا نصطدم بأمر مهم لو فكرنا فيه .. أتذكر أحد النصوص لعلي ابن ابي طالب و هو نص جميل يتكلم في عن الملائكة و الحيوانات و البشر و يصف فيه ان الملائكة عقل مطلق لا شهوة لها و ان الحيوانات شهوة مطلقة لا عقل لها و أن الإنسان خليط من الشهوة و العقل فإن صار عقله مسيطرا على شهوته صار أعلى رتبةً من الملاك و إن باتت شهوته طاغية على عقله فأنه أدنى رتبه من الحيوان ... بالتالي عند الحياة الاخرة و هي حياة الخلود ما هي الا حياة العقول التي ترفض الشهوات بالتالي كيف لعقلي أن يتجه الى الشهوات الفائضة عن الحاجة الحيوية كالطعام بالكم الكاف لأكمل حياتي و أغذي عقلي الذي أفكر به و انتقل إلى مرحلة الشهوة المفرطة و أمارس الجنس لمئات السنين ؟؟ .. و هنا سأصدم معكم بنص آخر الذي يصف أن الجنة لا أذن سمعت و لا عين رأت ولا خطر ببال بشر .. و بفرض أني أحد هؤلاء البشر من الواجب أني و إن وصلت إلى أين ما وصلت أن لا أستطيع تخيل شكل و كيفية جنة الخلود .. فكيف بوصف النص للجنة "كإشباع كامل لجميع الشهوات" من منطلق النص أو من منطلق العقل و تحليله بأنها العبادة الذيذة المُشيعة لشهواتي و التي تجعلني احتقر الشهوات .. كيف لها ان تخطر ببالي؟ .. (ما علينا .. )

مما لا شك فيه أن محمداً نبي الإسلام شخص عبقري و عظيم حيث أنه أوجد بطريقة أو بأخرى نموذجاً قوياً لقضية البشر منذ الأزل و هي الرغبة في الخلود .. إن أقدم مخطوطة أو ملحمة سمّها ما شئت مكتوبة باللغة المسمارية مرت على تاريخ البشرية هي ملحمة جلجامش التي يصفها الجميل العراقي الراحل –عالِم سبيط النيلي- بأنها قصة ذي القرنين و دون الدخول في تفاصيلها او تفاصيل رأيه فيها نجد أن جلجامش سافر و خاض تجارب و حروب عدة بحثاً عن الخلود .. و إن ابتعدنا عن العواطف و أخذناها على أنها من تأليف بشر ليس جلجامش نفسه فأنها تصيغ ما يجول ببال هذا البشر .. حتى و إن كانت من وحي خياله .. فنرى من هذه المخطوطة الحجرية رغبة عظيمة بأن يكون جلجامش خالداً الى الابد بجسده و هو مالا يمكن تحقيقه لضعف جسم البشر و عدم قابليته للخلود .. و مع هذا راح يقاتل من أجل قضيته .. و الفراعنة كذلك الذين أبدعوا بما لم يصل له أحدٌ قط مثلهم في علم التحنيط و حال دون الوصول لما وصل له هؤلاء العظماء قبل سبعة آلاف سنة و و الذي كان رغبة منهم في تخليد الجسد اعتقاداً منهم أنهم سيعودون يوما ما ليخلّدوا بهذا الجسد و إن ماتوا .. فنجد ذلك التشبث العظيم بالحياة .. و أمثلة عديدة للبشر قد يطول سردها في الرغبة بالوصول لحل للخلود .. فعندما أتى محمد برسالة الإسلام كان إنموذجاً عظيماً ليخمد به شهوات البشر بالخلود و الحياة الآخرة الخالدة ..

لست بصدد مناقشة رسالة الإسلام و لكني فعلا أرى عظمة ذلك الإنسان بإيجاد حل يريح عقول البشر من –التفكير- في قضية مستحيلة التحقيق بأجساد ضعيفة و إشغالهم بقضايا أخرى لم يفهموها ليومنا هذا فراحوا يبحثون عن القشور بينما كان يريد منهم العمل و الإنجاز و التطوير في العلوم التي بدورها تصنع مستقبلاً أجمل للأجيال القادمة بدلا من الدفاع عن معتقداتهم الشخصية بعيداً عن العواطف و الميول الشهوية ..

النتيجة التي أود منكم أحبتي التفكير في أبعادها :-
العقل مطلق و الإنسان محدود ... فكروا كثيراً و أعطوا شهواتكم قليلاً ...

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

متطرفوا الشيعة ..




يومياً و بشكل مستمر نسمع طرائف من المواقف التي تصادفنا أو نتناقلها مع الأصدقاء و الأصحاب في مجالسنا و أعمالنا و غيرها من الأماكن ، لكن مؤخراً تفاجأت و أضحكني و أبكاني في نفس الوقت موقف البعض في يوم عاشوراء من الذين أخذتهم العزة بالإثم فراح يحرم و يكفر من يتاجر في هذا اليوم و لم يغلق متجره و بشكل خاص في القطيف .. و أعدها تعدّيا و عدم احترام للمذهب عامة و أهالي القطيف خاصة ، و لكن قبل الدخول في الموضوع جمعت بعض الاستفتاءات من الموقع الرسمي لآية الله السيد علي السيستاني دام ظله الشريف في صدد إحياء الشعائر الحسينية و هي كالتالي:-
السؤال رقم 3
السؤال: قد يقوم بعض المؤمنين في شهري محرم وصفر بل في عموم أيام المناسبات الحزينة ببعض الأعمال التي قد لا تكون مناسبة، منها على سبيل المثال: الزواج، الانتقال إلى بيت جديد، شراء أشياء جديدة كالأثاث والملابس وغيرها، والتزين في البدن واللباس، ابتداء مشاريع جديدة، وغير ذلك. فما هو الموقف الشرعي المناسب لذلك؟
الجواب: لا يحرم ممارسة ما ذكر في أيام المناسبات إلاّ ما عُدَّ هتكاً كإقامة الفرح والزينة في اليوم العاشر.
نعم ينبغي أن لا ينفذ في أيام مصائب أهل البيت (ع) وحزنهم ما لا يوقعه الإنسان عادة في أيام حزنه ومصابه بأحبائه إلاّ ما اقتضته الضرورة العرفية، فيختار وقتاً أبعد عن المساس بمقتضيات العزاء والحزن. والله الموفق.

السؤال رقم 4
السؤال: هناك بعض الأقراص الحسينية (الليزرية) يظهر فيها بعض الشباب من دون ارتداء القميص فهل يجوز للنساء مشاهدة تلك الأقراص؟
الجواب: لا يجوز للمرأة النظر إلى ما لا يتعارف النظر إليه من بدن الرجل مثل الصدر والبطن ونحوهما على الأحوط.

السؤال رقم 5
السؤال: ما حكم فتح الأماكن التجارية في أيّام تاسوعاء وعاشوراء أبي الأحرار سلام الله عليه؟
الجواب: إذا عدّ نوعاً من عدم المبالاة بما جرى على أهل البيت (ع) في هذين اليومين الحزينين فلا بدّ من تركه.


السؤال 6
السؤال: يقام العزاء الحسيني في منطقتنا على طريقة العزاء البحريني، بمعنى احتواء العزاء على أطوار أو ألحان مختلفة ولربما شابه أحد هذه الألحان الغناء المتعارف في مجالس اللهو أو في غيرها فهل يجوز استعمال هذه الألحان والأطوار في العزاء الحسيني أم لا؟
الجواب: إذا لم يعلم كون تلكم الألحان من الألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب جاز استخدامها في قراءة التعزية ، وإذا علم ذلك لم يجز.


أما بالنسبة للسؤال 3 حسب ترتيب المصدر فحقيقة كنت أعرف بعضاً منه و لكني لم أعلم أن الخصوصية لليوم العاشر فقط أي لا تشمل ليلة العاشر و لكنا مع الأسف في القطيف نوصلها إلى نهاية صفر .. عموماً أنا لا أوافق على ما أعتبره أنا شخصياً تعطيلاً مبالغاً و أركز النظر على أننا لم نسمع بأن أحد أهالي القطيف أقام زواجاً خلال شهري محرم و صفر و أعيد بما أن الشرع لا يرى إشكالاً فيه فهذا يعتبر تعطيل للمؤمنين ..

أما بالنسبة للسؤال 4 أي مريض أنت عزيزي؟ أنت مكانك مشفى الأمراض النفسية فأي ريبة أو شهوة ستقع في قلب امرأة لرؤيتها رجل جسمه مليءٌ بالآثار الحمراء و شديد اللمعة من كثرة العرق ، أنت فعلا مبتلى في نفسك فأنت أحوج لمراجعة الطبيب بدلاً من مراجعة المرجع الديني ، و أنتِ عزيزتي يا من تخشين الوقوع في الشهوة أو الريبة من رجل منظره أبعد ما يكون عن الجاذبية اذهبي مع المستفتي الى المشفى فكلاكما في أمس الحاجة للعلاج ، و هذا السؤال سيجرنا لسؤال آخر عن جواز خروج الرجل الوسيم الذي قد لا تتحمل النساء جماله فيغتصبنه و تحمل تلك المرأة بولد غير شرعي .. فهل يجوز له الخروج من بيته يا مولانا كاشفا لوجهه أم بلثم وجهه؟ .. و إذا أصبح معروفا في المجتمع فهل يستطيع الخروج من منزله ابتداءا؟ .. زبدة الكلام الأمراض النفسية هناك طبيبٌ أفنى الكثير من جهده و وقته ليعالجكم ولا حرج في مراجعته.

أما بالنسبة للسؤال 5 كما هو واضح أنه حسب ما يدّعي البعض أن كلمة "إذا عدّ" هي تخص الأحكام العرفية فأنا أطالب كل من يدّعي عرفاً ما في مكان جغرافي معين أن يأتي إما بمسح كامل شامل للمجتمع أو بدراسة إحصائية تحدد وقوع الظاهرة من عدمها حسب المشاهدات وفق عينة مناسبة للدراسة المعينة في موضوع البحث قبل أن يكون كالأحمق فيفترض افتراضاتٍ لمجرد أنه رآها في بيته الخاص ، يا أخي لقد تطورت طرق البحث و كل العالم يتقدم بالعلم ليسهل عليه قضاء حوائجه و أنت لمجرد أن قال الشيخ أن هذا عرف قررت معه أنه عرف ففرضته على من لك وصاية و ولاية عليهم ، لا تكن إمّعة تنعق مع كل ناعق.

أما بالنسبة للسؤال 6 هنا لا أريد مناقشة أو تحليل ، فقط أريد أن أوجه سؤالاً للسائل – و أنت وش مدريك عن مجالس اللهو المحرم و وش يناسبها و وش ما يناسبها؟- عجيب أمرك ...

بعد هذه الأسئلة أود أن أعلق أولا على ما جعلني أكتب هذه التدوينة و هو استيائي من بعض المتحمسين من أهالينا في القطيف لتحريم رزق من يطعم عياله من رزق هذا اليوم و يحرض على مقاطعة التجار الذين لا يعطلون مصالح المؤمنين في هذا اليوم في الحقيقة أنا أتعجب من تشكيكك في حلية أموال الناس مع أن هناك ما هو أوضح لك من أموال تختفي ولا نرى تقاريرها المالية و أوجه صرفها و لكن لمجرد كون المسؤول عنها فلان أصبح ليس من حقك التدقيق وراءه ، و لا أريد التفصيل أكثر و لكني أطلب منك أن تكون أكثر صدقاً مع نفسك أولاً و أخيراً لتضح لك بعض الأمور ..
و ثانياً أتفاجأ ممن يتهم الهيئة المدعوة بـ "هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" بأنها تفرض على الناس الإغلاق في أوقات الصلاة التي لا يصلي فيها الشيعة أساساً أي وقتي صلاة العصر و صلاة العشاء علماً بأن أهالي القطيف ذات الأكثرية الشيعية من التجار و الموظفين الذين يجمعون جمع التقديم في الظهرين و العشائين و علماً أن أهالي القطيف 100% من الشيعة .. كيف تنكر عليهم فرضهم تعطيلك في وقت لا تصلي فيه لمصالحك و عائلتك بحجة أنه وقت صلاة .. إنه نفس المنطق الذي تريد فرض ما ليس لك حق بفرضه على الآخرين احتراما لشائر هو لا يمارسها حيث أنها غير واجبة حتى على من هم من متبعي نفس مذهبك .. و لا تكتفي بمقاطعتك بل تحرض الآخرين للمقاطعة ، هل فكرت في زوجاتهم و عيالهم الذين بانتظار لقمة عيشهم التي أن أنت و غيرك نجحوا في كسر هذا التاجر في السوق بسبب حماسك و طيشك سيحرموا منها أو سيضيق عليهم في معيشتهم ، عزيزي فكر قليلاً قبل أن يغلب حماسك على عقلك و يخفي عنك الكثير من الزوايا التي قطعاً انت غفلت عنها إن كنت منصفاً للآخرين كما تريد رب عملك السني أن ينصفك بتعطيل مصالحه التجارية لتمارس شعائرك الدينية من منطلق احترام الآخر .. فكر عزيزي في مدرسة التسامح التي تدعي أنك تنهجها لأهل العصمة و الطهر و العفاف أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين.

الشق الآخر و هو بعض الأسئلة العجيبة التي يطرحها المستفتين الذين لا أدري هل هم أتموا جميع التكليفات الإلهية و لم يتبقى غير شيء واحد فقط يتمثل في سؤال جدّ عجيب غريب و هذا ما يخالجني من شعور عند قرائتها و انا اتخيل سائلها ، هل هذا الشيء الذي تبقى لتسأل عنه و بذلك تقول الحمد لك يا ربي إذ أنعمت علي بإتمام كل ما كلفتني به؟

و سأختم بسؤال عجيب كمثال لآخر سؤال تبقى لإكمال التكليف الشرعي و قد نشرته في شبكة التواصل الإجتماعي "الفيس بوك" و مع الأسف اعتقد الكثيرون أني طارح السؤال J فضحكت كثيراً لتعجبهم من انحلال سؤالي –الذي يعتقدون أني سألته- فاطمأنيت أني لست الوحيد الذي يعتقد أن السؤال فعلا عجيب و لكم السؤال و الجواب و المصدر و السلام ختام

السؤال رقم 2

السؤال: هل يجوز حلق شعر العانة بالآلة الكهربائية ؟
الجواب: يجوز.


الأحد، 12 مايو 2013

تيسون و الراعي ...

مصدر الصورة : http://www.forum.an3m1.com/t91649.html
يحكى أنه و في أحد الصحاري البعيدة قطيعٌ من أزواج الخراف يعيشون بسلام و يأكلون البرسيم في كل صباح و مساء دون أن يعكر صفو مزاجهم أحد ، و في ليلة ظلماء كان ما لم يتوقعه أحد إذ هاجمهم قطيعٌ من الذئاب المفترسة فقتلوا منهم مقتلة عظيمة تزيد عن حاجتهم في الأكل ، فراحت تلك الأغنام تجري فزِعة لا تدري إلى أين تولّي وجهها ، إلى أن تعبت الذئاب فلاذت بالإنصراف .. تجمعت الأغنام المتبقية باكيةً على ما جرى عليها من مصابٍ عظيم ، فتيتّم من تيتّم و ترمّل من ترمّل ، و من ثم نام القطيع بعد ان خارت قواه بين الهرب و البكاء.
أصبح صباح اليوم الثاني و هو ليس كعادته صباح جميل حيث الخراف كانت تستعيد قواها تدعو الله ان يبعد عنها وحوش الصحراء .. أكلت البرسيم كعادتها الى أن حل المساء و تكررت المأساة من جديد ، و أصبحت صبيحة اليوم الذي يليه و إذا بصوت كلب من بعيد فتوجست الخراف لا تدري ما تصنع و أصبحت في ريبةٍ من أمرها .. أهي الذئاب أم ماذا!! .. اقترب الصوت و إذا برجلٍ و معه كلبا حراسة ، وصل الرجل و رأى قطيعاً لا بأس به في صحةٍ جيدة و إن لم يخلو من بعض الخراف المتضررة إثر هجمات الذئاب المتتالية .. فقرر الرجل أن يبدأ رعاية الأغنام بعد مشاورة رئيسها .. فراح لأكبر تيس و قال له : مم تشتكون ؟؟ رد عليه : انظر يا بني إلى قبيلتي .. نحن هنا من القِدَم نعيش بأمانٍ في هذه الصحراء .. نتنقل اينما توفر الماء و الطعام و نعيش حياةٍ هنيئة .. إلى ان ظهرت الذئاب في الأرجاء فعكرت صفو حياتنا .. قاطعه الرجل فقال له : إذا أنتم لا تحتاجون إلا لمن يحميكم .. رد التيس : نعم يا بني .. فوعده الرجل بتوفير الحماية مع بعض الشروط و منها التنفع بصوفهم و روثهم و التضحية ببعض أفراد القطيع بين الفينة و الأخرى بدلا من التضحية بالجميع و هي النتيجة المنطقية إن تُرِكوا للذئاب .. فقرر كبير الخراف بحكمته و رجاحة قراراته ان ينصاع تحت حكم الرجل و فعلا عاشوا حياة أكثر أماناً.
و مع الأيام رُزِقَت أحد تلك الأزواج بتيسٍ صغير أسموه "تيسون" ، أحبّوه و علموه كل ما تعلموه في ما مر عليهم من أيامً مضت و خبراتٍ تعلموها .. كَبُرَ ذلك التيس الجميل و كله أحلام و طموح لتطوير ذلك القطيع فيكون ذو فائدة و بصمة حميدة ، فراح يبحث عن الفرص التي من خلالها يمكنه أن يحقق احلامه ، ففكر بتجارة البرسيم المسمسم (برسيم بالسمسم) حيث أنه ملّ من أكل البرسيم العادي يومياً فقد رأى فيها فرصةً استثماريةً جيدة .. فبدأ بترتيب أفكاره و قرر أن يبدأ العمل .. بدأ العمل بالفعل و راح يشتري السمسم من خارج البلاد حيث أن هناك غابة بعيدة تنتج السمسم الجيّد و اللذيذ .. بعد فترة من العمل الشاق انتبه الراعي أن الأغنام لم تعد تأكل البرسيم الذي معه و تأكل من برسيم التيس الصغير "تيسون" .. ففكر الرجل بأن يستفيد من ذلك التيس المسكين فأسرع له قائلاً : اسمع يا تيسون .. لولا وجودي هنا لما ولدت أنت و تربيت في بيئة صحية و نشأت بهذا الفكر المنتج .. و أنا سعيدٌ جداً بما وصلت له و أنا فخورٌ بأن في قطيعي تيساً مثلك و لكن من المهم جداً أن لا تنسى أني أنا صاحب الفضل في وصولك لما وصلت له فلو لم أكن أحمي عائلتك فقد تكون رحت ضحية منذ كنت نطفة حقيرة .. و لكن كل هذا بفضلي .. قاطعه تيسون قائلاً : أنا أُقدر كل ما فعلته يا أيها الراعي الكريم .. و أنا لا أعرف كيف أرد لك هذا الجميل .. قاطعه الراعي قائلاً: اسمعني يا تيسون .. أنا سأشاركك في عملك و لكن مشاركتي ستكون بحماية ممتلكاتك كما أحميك و أسرتك .. و لكني سأفرض عليك بعض الضرائب مقابل استخدامك للمساحات في أرضي .. فاتفقا على ذلك ..
و مرت الايام و تجارة تيسون في تطوّر فصار محتاجاً لمن يساعده في أداء الأعمال فعرض على بعض الماشية العمل معه مقابل البرسيم اللذيذ مجاناً .. و لكن ما طلبوه بالمقابل كان عالياً في التكاليف .. فراح يفكر في طريقةٍ يوسع تجارته فيها بحيث لا يتضرر هو في تجارته إلى أن أتت الفكرة الجهنمية .. و هي أن يستورد الماشية التي ستساعده من الصحاري المجاورة ، و فعلا همّ بالسفر و وجد ضالته و احضر الماشية و بدأ العمل .. بعد فترة من الزمن لاحظ الراعي بأن العمل تزداد مكاسبه .. فراح يسأل تيسون عن تجارته و ما فعله فيها .. فعلمه بالذي حصل .. فابتسم الراعي و هو يدعك لحيته فقال : اسمعني يا تيسون .. ما اتفقنا عليه هو مقابل عملك لوحدك دون مساعدين .. و لكن هكذا العمل بدأ في ازدياد و مسؤوليتي كبرت فلا بد علي من زيادة الضرائب عليك .. فتسائل تيسون و هو حزين و رأسه الى الأرض قائلاً : و هل لي بخيارٍ آخر؟ .. رد الراعي مباشرة : لا .. فعملي لا يقل عن عملك .. إلا اذا كنت نسيت أفضالي عليك. فمشى تيسون و هو حزين و يفكر كيف يكمل عمله دون أن يتضرر حيث أن الراعي فرض عليه ما لا يطاق .. فلم يجد حلا غير أن يحاول أن يزيد المبيعات و بذلك تزداد ربحيته حيث ان هامش الربح قليل و متطلبات الحياة في ازدياد ، فراح يعمل بجدٍ و بدأ بتوسيع ميزانية الإعلام لتزيد مبيعات ظنا منه أنها الحل الوحيد ... و بالفعل وُفّق تيسون في عمله و زادت مبيعاته و الراعي ليس لديه الا المراقبة ففكر في خطة يضيّق فيها على تيسون المسكين .. فذهب له ذات يوم منادياً : تيسووون .. يا تيسوون ... هب مسرعا له تيسون و هو يدعو ربه بأن لا يخترع له مزيداً من الشروط و الأنظمة العجيبة التي بات معتاداً عليها : تفضل يا عمي الراعي .. ما ورائك ؟ .. رد عليه قائلاً : اسمع يا تيسون أنا أرى انك اجتهدت و عملت جاهداً و نجحت في اجتياز فترات عصيبة مضت و أنا جدا فخور بك و لكنني يعز علي أن أرى ابناء عمومتك هنا يأكلون ولا يعملون .. فأريد منك ان تعلمهم الصنعة و ان توعيهم على أهمية العمل .. رد تيسون : شكرا لك و لاهتمامك .. لكني فكرت فيهم ابتدائاً قبل ان ابدأ بالتوسع و لكنهم كانو يطلبون مالا أطيق دفعه لهم .. و هم أساساً لا يفكرون في غير النوم و الأكل .. و هذا ناهيك عن أني لا أحتاج إلى اضافة عمال .. حبث طاقتي الاستيعابية لا تحتمل أن أزيد من العمال .. فقال له : لكنهم ابناء جلدتك .. و يوما ما ستتركك الخراف المستوردة (و ما الك الا ولاد البلد) .. راح يفكر تيسون يقلبها يمينا و شمالاً و قال : و ماذا اصنع بمن معي من عمالة أكفاء من الخارج؟ .. قال له : يجب عليك أن تشغل عن كل خروف أجنبي خروفين مواطنين ... فرد عليه : و لكن لن اطيق دفع تكاليف اضافية .. رد عليه الراعي : مو شغلي .. دبر حالك ..

المهم تيسون انتحر و في رواية ان مرارته فقعت .. و توتة توتة .. خلصت الحدوتة .. حلوة ولا فتفوتة :)

السبت، 6 أبريل 2013

ما ترضاها على نفسك .. لا ترضاها على غيرك ..









أنا من متابعي قناة National Geographic و المغرمين بها .. و قد يكون ذلك عائدٌ لشغفي و هوسي و اهتمامي بالحيوانات منذ إدراكي لما هو حولي .. و كما تقول والدتي دائماً و أبداً " لكن الوراثة تلعب دور " فعرفت أنني قد أكون ورثتها من والدي الذي كان يربي الحمام بشكل رئيسي في صغره مع أني لم أراه يقتني حيوانات في حياتي قط و حيث انني كنت أنا من يطلبها و هو سعيد بما أصنع و يساعدني في تربيتها .. على كل حال لفت انتباهي في متابعتي لهذه القناة الجميلة أنهم باستمرار لا يتدخلون في الطبيعة فعملهم المستمر هو مراقبة سلوك الحيوانات مع عدم التدخل في تغذيتها أو حتى مساعدتها في أغلب الأحيان ؛ فعلى سبيل المثال عند كونها فريسة ضعيفة و سهلة أمام أحد تلك الضواري البرية .. و كنت أستنكر هذا الأمر ابتدائاً حتى بدأتُ أستوعب أنه من الواجب عدم التدخل في الطبيعة و ربطت هذا الأمر بما كنا ندرسه في مادة الأحياء و العلوم التي كنت مغرم بهما و هو أن الحيوانات اللاحمة تتغذى على بعض الحيوانات الأخرى التي قد تكون نباتية و النباتية تتغذى على النبات و النبات يغذى على الماء و الضوء إلا البشر يتغذون على كل ما تصل له أيديهم المتوحشة فبذلك تكتمل دورة الحياة التي ما دمنا نتدخل فيها باستمرار زاد دمارها.
جدير بالذكر اقتناء الحيوانات في المنازل (الأليف منها و المفترس) .. و سأسلط الضوء على مربي الحيوانات الأليفة و بشكلٍ مُختصَر .. هناك نوعان من المقتنين .. الأول يقتني بهدف الاستمتاع بمنظرها الجميل و آخر لصوتها العذب .. أما النوع الآخر فهو يقتني للأنتاج .. و هو النوع الأجود بين المقتنين .. فهناك نظرية تقول " بكل حيوان منتج في البيت حماية لحيوان في البرية " قالها أحد المنتجين المُحترفين في شرق آسيا من منتجي سمكة المهرج "Clown Fish " أو ما اشتهرت في فيلم ديزني بإسم "نيمو/Nemo" .. و هو صادق إلى حد كبير .. و بشكل واضح تحديداً مع الحيوانات المهددة بالإنقراض (الغالية الثمن بطبيعة الحال) .. فلو أنتجنا إنتاجاً تجارياً في أماكن متخصصة تحت إشراف فريق متخصص فبذلك نمنع الصيد الجائر و الغير منظم و الذي يساهم في القضاء على البيئة كما سيتضح لاحقاً.
كنت أتسائل في صغري عن أمر أردده باستمرار على والدي و قد كان "أبوي .. وش فايدة الدبّان ؟؟ بس يزعجونا؟؟" -الدبّان هو جمع ذُبَاب باللهجة العامّية- فكان يضحك .. و للمعلومية فإني لا أعرف الإجابه على هذا السؤال ليومنا هذا .. و لكنه قد يكون من الجيد أنني لم أحصل على الإجابة آنذاك فقد حثني الأمر على التفكير و معرفة أنه ليس كل ما تسأل عنه ستجد إجابته بسهولة .. و قد لا تجدها طوال حياتك .. بعدها وصلت إلى قناعة بأنه لا يوجد صغيرة أو كبيرة إلا و لحكمة أوجدها المُوجِد الحكيم لسبب ما .. و ذلك أمر بيِّن لنا جميعاً فيما ندركه بمعلوماتنا و مشاهداتنا اليومية.
الكثير من الحيوانات تُفنَى أرواحها لتستمتعي سيدتي بذلك الفراء الجميل على كتفيكِ .. و أخرى لحذائكَ الفاخر سيدي الفاضل .. و اخرى لنستخدمها لتزيين مجالسنا فنُري بذلك ضيوفنا كم نحن على قدر من الوحشية لنستعرض بجثث الحيوانات أو أجزاءٍ من أجسامها أمام ضيوفنا الكرام الذين في غالب الضن سيمضو مُحرجِجين من افتقار مجالسهم لمثل تلك الجثامين و رفاة الحيوانات الآمنة و بالتالي عليهم التوجه لتاجر أرواح الحيوانات الذي يموله الصياد الفقير الذي لم يجد طريقاً ليطعم أبنائه الذين التصقت جدران معدتهم من الجوع غير طريقنا هذا .. و تستمر دائرة الحياة بدورة اخترعها الإنسان فدمّر ما دمّر مما خلقه خالقه لما فيه صلاحٌ له و لبيئةٍ يعتقد هو أنه يستمتع فيها بطريقته الهمجية اللاواعية في الاستمتاع بما ليس من حقه.
نعود لصنيع قناة تاشونال جيوغرافيك و الذي أعجبني شطره المذكور أعلاه ، إنه لمن المستغرب بالنسبة لي طبعاً أن يتظاهروا و كأنهم ليسوا جزئاً من تلك الدائرة للحيوانات اللاحمة و التي لا نشكل فيها جزئاً من غذائها و لكن إن وُجدت فخير من الجوع .. معلومة مهمة :- ( نحن معشر البشر لسنا من قائمة طعام أي نوع من أنواع الحيوانات أي لو خيرت الأسد بين الجاموس أو الإنسان فهو سيختار الجاموس عليك ، و ما نراه من هجوم/افتراس بعض الحيوانات الضارية ما هي إلا لسبب من اثنين ، إما خوفاً أي دفاع عن النفس أو لعدم توفر البديل ) و أنا هنا لا أدعو لتعريض نفسك للخطر و مواجهة الحيوانات المفترسة أو القدر الذي أمامك بل تعلم كيف تتعامل معها قبل التطفل على حياتها الخاصة مما قد يضطرك لقتلها بواسطة أدوات صنعتها من مسدسات و غيرها فليس من حقك الدخول في وسطها دون تحمل تبعات صنيعك فاكتساح البشر بالمد العمراني لبيئات الحيوانات هو أحد أهم الأسباب التي أدّت لدخولها و تكيفها في الوسط الذي نحن ابتدعناه أو عدم تكيفها و بالتالي فنائها .. كل ما أريد أن أصل إليه هو ان تفكر قبل اقتناء شيء تعتقد أنه يجمل بيت أو ملبسك و لا تلم حيواناً غير عاقل لأنه تمكن من أحد أحبتك الذين تمنيت لو أنه تمكن منه .. حيث أنه لو تمكن منه فقد تكون عائلته أيضاً بانتظاره أو انتظارها لتطعم أولائك الجراء أو الفراخ التي تتضور جوعاً ، و انتفاء العقل لا ينفي وجود العاطفة .. فإن كنت لا تقبلها على نفسك فلا تقبلها على غيرك.

الخميس، 28 فبراير 2013

القطيع و المجتمع الإنساني

مصدر الصورة: http://islahnews.net/?p=120430


هناك الكثير من المعلومات اليومية التي تمرّ علينا يومياً خلال مشاهدة البرامج الوثائقية المليئة بالحِكم و التحليلات المنطقية و لكن قلما نربطها بالواقع الذي نعيشه ، و من خلال اسفارنا و التعرف على عادات و تقاليد البشر المختلفة من محيط لآخر و من زمنٍ لآخر و التغييرات التي تطرأ على هذه المجتمعات و مع هذا قد نغفل أو نتهرب من الواقع الذي يبدأ تغييره من الفرد نفسه .. قال تعالى –( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ )- [الرعد:11].

كما رأينا في البرامج و قرأنا أن أغلب الحيوانات و الطيور تعيش في شكل جماعات ، تتشارك الطعام و الشراب و حتى التنقل من مكان لآخر كجماعة بحثاً عن لقمة العيش او الظروف البيئية الأكثر انسجاماً مع أجسامها التي قد لا تتحمل قساوة الشتاء أو لهيب الصيف ، فنرى بعض الطيور لا تظهر الا في الشتاء أثناء رحلاتها و أخرى تتكاثر في الصيف و كما هو الحال في أعماق البحار بالمثل مع الاسماك الصغيرة و الحيتان الضخمة كذلك ، و في تلك الجماعات فوائد جمّة بالنسبة لهم كحيوانات منها الحفاظ على النوع و الشعور بالأمان و الاستقرار من ناحيتين أو احدى اثنتين و هما تقليل المخاطر (كفريسة) و الشعور بالأمان و الانتماء الى القبيلة الواحدة التي كلما زادت زادت قوتها و بالتالي سهولة توفير الطعام.

بالنسبة لنا كبشر لا نختلف كثيراً عن المجتمعات الحيوانية بل نكاد أن نكون مثلهم تماماً مع وجود فارق ميزنا عنهم و هو العقل المدرك الذي جعلنا أسياداً على هذا الكوكب الصغير ، و مع هذا التميز فقد وجدت أنه عيبٌ في الوقت نفسه بأن سيادته بالعقل تحولت إلى غرور أخذه إلى تملّك مالا يملك إلى أن وصل الأمر به أن قسّم دوَلاً تسيّدها (قطعان) و على أساس قوة إدراك العقول كانت قوة الدول على مر السنين ، و داخل هذه الدول تشكّلت دويلات صغيرة و كبيرة من الاتجاهات الفكرية المختلفة و كلُّ دويلة مستعدة لدفع أتباعها للموت بعض الأحيان مقابل بقاء الجماعة.

في الحقيقة أنا أعتقد بأنه من المستحيل أن تعيش المجتمعات الإنسانية إلا كقطيع و لو طبقنا الفكرة على كل واحد منّا فسنرى أننا لا نختلف في إسلوب الحياة عن الحيوانات ، تتمثل الفكرة في وجود ثلاث مكونات رئيسية و المكوّن الأول هو الراعي و المكوّن الثاني هو الكلب و المكوّن الثالث هو عامة القطيع و هذا الذي ميّز القطيع البشري عن سائر القطعان الأخرى (أي الهرم الإداري) حيث أن المجتمعات الحيوانية في ((أغلب)) الأحيان تدمج المكوّنين الأولين في واحد (الراعي و الكلب) ، و للتفصيل الراعي هنا المقصود به القائد السياسي و المُعلن في الواجهة الإعلامية و العلاقات الخارجية .. أما الكلب فيكون تحت إمرة الراعي و هو القائد الروحي و المُلهم فهو بالتالي قائدٌ على نطاق أضيق يأتمر بإمرة راعيه ولكن كلمته اكثر فاعلية من الراعي .. أما الثالث و هو القطيع المتمثل في (أنا و أنت) مجموعة أدوات يستخدمها الراعي بواسطة الكلب لأداء مصالحه الشخصية بإسم المصلحة العامة للقطيع .. و بطبيعة الحال في كثير من الاحيان تنحرف احدى مكونات القطيع بفكرة جديدة أو مختلفة عن المألوف الذي نشأ عليه هذا القطيع فإذا بنباحٍ من الكلب زاجراً تلك المعزة الصغيرة دون اتاحة الفرصة لها لا لأن تأكل من ذاك المرعى الاخر ولا أن تتعلم على الاقل بأن مذاق ذلك العشب مُر أو غير صالح للأكل.

هنالك الكثير من القطعان في كوكبنا الصغير المترامية على تلال التيارات الفكرية في كل مكان .. و من الصعب جداً الانسلاخ من أي قطيع و العيش بسلام على شكل أفراد ناهيك عن وجوب الانضمام لقطيع آخر لإكمال مسيرة الحياة لمعزةٍ مسالمة.

أخيراً إنه لمن المؤسف أن يعتقد البعض و منهم أنا شخصياً بأن الحل هو في الهجرة و هذه نظرة ضيقة جداً و غير مدركة لأمور كثيرة و على رأسها الاعتقاد بأن هناك ما يسمى بالحرية حسب مفهومي الشخصي آنذاك .. إن في الحياة مع القطيع الآخر راعياً و كلباً آخرين يمارسان نفس الممارسات عينها و لكن مع اختلاف التوجه المخطط له من قِبَلِهم لا أكثر ولا أقل ، فتكون ببساطة انتقلت من قطيع يمنع اكل العشب الذي تحبه الى القطيع الذي ياكل العشب الذي طالما تمنيت الأكل منه .. و لكن القطيع هو القطيع.

آخراً فهنا من الجيّد أن نختم بالنهاية السعيدة و هي أن حياة القطيع ليست كلها مساوئ ؛ فقد تكون الطريقة المثلى أو الأنسب لنا كبشر معتقدين بأننا مختلفين لمجرد وجود العقل الذي لم نستخدم شيئاً من طاقاته ، و لكن سنبدأ بالمساوئ لخاتمةٍ سعيدة .. من مساوئها ضياع الفكر الفردي و عدم وجود المحفزات للإبداع و الابتكار لما يحفها من مخاطر قد تودي بحياة المفكر الى الفناء و هنا إضعاف للفرد و بالتالي الجماعة ، و من فوائدها سهولة القيادة بعدم ظهور المختلف عن التيار العام و الاتفاق الظاهري فالخروج بصوره الوحدة القطيعية.