تابعني على تويتر

الاثنين، 3 مارس 2014

بيانات و معلومات ...

كثير منا يفكر من باب التكامل و التكافل الإجتماعي في أسباب الفقر التي بدورها تنتج لنا بالفساد عموما فلو بحثنا ما كتبه الغالبية في هذا الأمر هو أن الصحة و التعليم و البطالة و يخلط الحابل بالنابل و يعدد عدة عوامل تؤدي إلى انتشار الرذيلة و التوجّه إلى سلوكيات غير فطرية عند البشر .. فالبشر يحبون الجمال بطبيعتهم إلا أن المؤثرات التي تطرأ على بعض الناس تكون أقوى من نفوسهم فتؤدي بهم للتوجه الغير محمود في غالب الأحيان ..

هنا لن نناقش مدى صحة هذه النظريات أو ما هي تحديداً المشاكل و سنأخذ واحدة منها فقط و هي نقطة التعليم و نرى هل هي العامل الذي بدوره يحل جميع الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى السلوكيات الغير جميلة أم لا ...

مما وصلنا عن أمير المؤمنين و في عهد خلافته أنه تلقى هديتين ليختار أحدها إما هذه أو تلك و في فترة كانت دولة المسلمين في أشد الحاجة للمال .. و كانت الهدية الأولى قافلة ممتده على مد البصر محملة بالأموال و المجوهرات النفيسة و الأخرى كتاب به علوم الدنيا مجموعة فيه .. فاختار الأمير الكتاب حتى في ظل تلك الظروف القاسية و التي ((غالباً)) أي أحد منا دون تفكير سيقدم على اختيار الأموال "و بعدين يصير خير" .. فبطبيعة الحال استنكر عليه جمع من الناس كيف يا أمير تأخذ الكتاب بدلاً من الأموال التي نحن حالياً في أمسّ الحاجة لها في هذا الوقت .. فقال أن هذه الأموال يمكن عمل أضعافها بهذه العلوم و لكن الأموال لا يمكن أن تشتري العلم ...
ملحوظة:-
عزيزي المؤمن خذ العبرة من القصة و ليس بالضرورة أن تكون حقيقية ..

المهم ما علينا ...

هنا سنتوجه إلى وزير التعليم بحكم أنه هو المسؤول عن المدخلات "طالب غير متعلم" و المخرجات "طالب متعلم" أي مليء بالمعلومات و الأدوات "المدرّس" الذين يكونون منتجاً نهائيا للمنشئة "المدرسة/الجامعة" التي بدورها يجب ان تكون مصنعاً لمنتجات جميلة ...

 هل تعرف ما الفرق بين البيانات "Data" و المعلومات "Information" ؟


قد يخلط الكثير من الناس بين البيانات و المعلومات فبالتالي يخلط بين حملة الشهادات و المتعلمين و لهذا بدأ نقاشي مع أحدهم و الذي أدّى بي لتدوين هذا الأمر .. 

البيانات هي عبارة عن أرقام أو عبارات قد نعتقد أنها (معلومات) و لكنها عبارة عن أشياء تؤدي بنا للحصول على معلومات "قد" تساعدنا في اتخاذ القرار المعين سواءً كان جميلاً أم لا .. بمعنى أن تصف لي شخص بوجهة نظرك بأنه على علم و ذو أخلاق و متقبل للمختلفين هذه بيانات أحصل بجمعها على معلومة معينة و هي صورة عن شخص معين و قد أقرر على أساسها التعامل معه ... مثال آخر .. الزواج لدينا في مجتمعنا الغير مختلط بين الذكور و الإناث يكون بعين أحد آخر (أخت/أم/عمة/خالة/..الخ) بوصف معيّن عن زوجة المستقبل و على أساس تلك الصورة التي رسمت أقرر هل أقدم للزواج بتلك الأنثى أم لا و هنا تكون قوة المعلومة ... مثال آخر .. لدينا في برنامج الـ(Excel) أرقامٌ كثيرة في مئات الآلاف من الصفوف معبئة بمبيعات أحد المحال التجارية و مصاريفها و غيرها .. هذه بينات و وجودها كبيانات غير مفيد إن لم أصنع منها تقريراً ملخصاً يفيدني في أمر ما كالنمو المتوقع أو الأرباح المحققة و غيرها .. مثال رياضي .. كلنا -نحن طلاب القسم العلوم الطبيعية- درسنا التكامل في الجزء الهندسي من مادة الرياضيات و أغلبنا يقوم بحل المسائل و ينتج بجواب "صحيح" مع تحفظي على كلمة صحيح و لكن عندما أسأله عزيزي الطالب ماذا صنعت يقول لقد حللت المسألة و جوابي صحيح .. أقول له سيدي أعرف أن إجابتك "صحيحة" و لكن ما هي تطبيقاتها سيدي الفاضل؟ .. *لحظة صمت* و من ثم أممممم و آخيرا إما ندخل في (يمكن كذا و كذا) أو يكون صادقاً مع نفسه و يقول "ما أدري" .. هنا مشكلة أغلب آلات الصناعة التجارية التي خرجتها لنا في صورة ضحايا منشآتنا التعليمية فالطالب سعيد بأنه يحرز أعلى العلامات التي تؤهلة للإلتحاق بالجامعة التي لا يدري هو ماذا ستضيف له أساسا و لكن الأهم أن أحرز أعلى الدرجات ... أن يحل الطالب مسألة التكامل بحل "صحيح" هذا مليءٌ بالبيانات .. لكن أن يعرف أن التكامل هو حساب المساحة تحت المنحنى هذه معلومات ناتجة من البيانات ...

لو سعينا لإنتاج طالب مليء بالمعلومات بدلاً من البيانات سنحصل على نوعين من المنتجات النهائية .. أولا طلاب متعلمين و هم المطلوبين .. و طلاب بيانيين .. لأننا لن نتمكن في المرحلة الأولية لصناعة دولة متعلمة في خطوة واحدة فلسنا نملك لا عصا موسى ولا معاجز إلهية ...

نحن في المملكة مشكلتنا او في أي أنموذج شبيه انه كل ما تقادم بنا/بهم الزمن يزداد الأمر تعقيداً إن لم تبتّ الحكومة و تتخذ قراراً حاسماً في حل مشكلة التعليم .. أما بتطوير آلاتها (المدرسين) و تأهيلهم ليعطوني منتجات جميلة أو أي حل آخر لا أدري ما هو ولا أريد أن أدري فلست وزير التعليم ولا أريد أن أكون كذلك .. لكني أعرف أن مواردنا شحيحة و مقتصرة على البترول فقط -الثروة الناضبة- و هي أحد البيانات التي تلقيناها في مدارسنا و تعليمنا شحيح .. بالتالي نستقدم المتعلمين في المجالات كلها بلا استثناء و الآن نسعود دون تعليم .. الواجب أن نتعلم من الخبرات الأجنبية كيف نكون منتجين أولاً و من ثم نبحث عن سعودة و غيرها .. فيوماً ما ستنضب ثروتنا الوحيدة فنغدو بلا ثروة تعمل الناس ((الأجانب المتعلمين)) بها و نأكل من فتاتها و لا تعليم يخولنا لابتكار أي شيء لنأكل على أقل تقدير فتات الفتات و بالتالي النتيجة واضحة لأي شخص عاقل بالغ ذكر أو أنثى ...

غالبية شعبنا الجميل إذا أبدع كان من المليئين بالبيانات لكنه يعتقد أنه أذكى من غيره و قد يوجهه عقله الباطن ليعتقد أنه عالِم مليء بالمعلومات... فلنسعى لنكون أصحاب معلومات و إن لم تتخذ الحكومة موقفاً من الجهاز التعليمي فلنوجّه من هم حولنا من أبناء و أخوة و آباء و غيرهم و قبل كل ذلك .. يجب أن نسعى لأن نستفيد نحن من بياناتنا لننتج بمعلومة لأننا فعلاً نحتاج الى التغيير العاجل الذي بدوره سيحل غالبية مشكالنا ..