مصدر الصورة : http://www.forum.an3m1.com/t91649.html |
أصبح صباح اليوم الثاني و هو ليس كعادته صباح جميل حيث الخراف كانت
تستعيد قواها تدعو الله ان يبعد عنها وحوش الصحراء .. أكلت البرسيم كعادتها الى أن
حل المساء و تكررت المأساة من جديد ، و أصبحت صبيحة اليوم الذي يليه و إذا بصوت
كلب من بعيد فتوجست الخراف لا تدري ما تصنع و أصبحت في ريبةٍ من أمرها .. أهي
الذئاب أم ماذا!! .. اقترب الصوت و إذا برجلٍ و معه كلبا حراسة ، وصل الرجل و رأى
قطيعاً لا بأس به في صحةٍ جيدة و إن لم يخلو من بعض الخراف المتضررة إثر هجمات
الذئاب المتتالية .. فقرر الرجل أن يبدأ رعاية الأغنام بعد مشاورة رئيسها .. فراح
لأكبر تيس و قال له : مم تشتكون ؟؟ رد عليه : انظر يا بني إلى قبيلتي .. نحن هنا
من القِدَم نعيش بأمانٍ في هذه الصحراء .. نتنقل اينما توفر الماء و الطعام و نعيش
حياةٍ هنيئة .. إلى ان ظهرت الذئاب في الأرجاء فعكرت صفو حياتنا .. قاطعه الرجل
فقال له : إذا أنتم لا تحتاجون إلا لمن يحميكم .. رد التيس : نعم يا بني .. فوعده الرجل بتوفير الحماية
مع بعض الشروط و منها التنفع بصوفهم و روثهم و التضحية ببعض أفراد القطيع بين
الفينة و الأخرى بدلا من التضحية بالجميع و هي النتيجة المنطقية إن تُرِكوا للذئاب
.. فقرر كبير الخراف بحكمته و رجاحة قراراته ان ينصاع تحت حكم الرجل و فعلا عاشوا
حياة أكثر أماناً.
و مع الأيام رُزِقَت أحد تلك الأزواج بتيسٍ صغير أسموه
"تيسون" ، أحبّوه و علموه كل ما تعلموه في ما مر عليهم من أيامً مضت و
خبراتٍ تعلموها .. كَبُرَ ذلك التيس الجميل و كله أحلام و طموح لتطوير ذلك القطيع فيكون
ذو فائدة و بصمة حميدة ، فراح يبحث عن الفرص التي من خلالها يمكنه أن يحقق احلامه ،
ففكر بتجارة البرسيم المسمسم (برسيم بالسمسم) حيث أنه ملّ من أكل البرسيم العادي يومياً
فقد رأى فيها فرصةً استثماريةً جيدة .. فبدأ بترتيب أفكاره و قرر أن يبدأ العمل ..
بدأ العمل بالفعل و راح يشتري السمسم من خارج البلاد حيث أن هناك غابة بعيدة تنتج
السمسم الجيّد و اللذيذ .. بعد فترة من العمل الشاق انتبه الراعي أن الأغنام لم
تعد تأكل البرسيم الذي معه و تأكل من برسيم التيس الصغير "تيسون" ..
ففكر الرجل بأن يستفيد من ذلك التيس المسكين فأسرع له قائلاً : اسمع يا تيسون ..
لولا وجودي هنا لما ولدت أنت و تربيت في بيئة صحية و نشأت بهذا الفكر المنتج .. و
أنا سعيدٌ جداً بما وصلت له و أنا فخورٌ بأن في قطيعي تيساً مثلك و لكن من المهم
جداً أن لا تنسى أني أنا صاحب الفضل في وصولك لما وصلت له فلو لم أكن أحمي عائلتك
فقد تكون رحت ضحية منذ كنت نطفة حقيرة .. و لكن كل هذا بفضلي .. قاطعه تيسون قائلاً
: أنا أُقدر كل ما فعلته يا أيها الراعي الكريم .. و أنا لا أعرف كيف أرد لك هذا
الجميل .. قاطعه الراعي قائلاً: اسمعني يا تيسون .. أنا سأشاركك في عملك و لكن مشاركتي
ستكون بحماية ممتلكاتك كما أحميك و أسرتك .. و لكني سأفرض عليك بعض الضرائب مقابل
استخدامك للمساحات في أرضي .. فاتفقا على ذلك ..
و مرت الايام و تجارة تيسون في تطوّر فصار محتاجاً لمن يساعده في أداء
الأعمال فعرض على بعض الماشية العمل معه مقابل البرسيم اللذيذ مجاناً .. و لكن ما
طلبوه بالمقابل كان عالياً في التكاليف .. فراح يفكر في طريقةٍ يوسع تجارته فيها بحيث
لا يتضرر هو في تجارته إلى أن أتت الفكرة الجهنمية .. و هي أن يستورد الماشية التي
ستساعده من الصحاري المجاورة ، و فعلا همّ بالسفر و وجد ضالته و احضر الماشية و بدأ
العمل .. بعد فترة من الزمن لاحظ الراعي بأن العمل تزداد مكاسبه .. فراح يسأل
تيسون عن تجارته و ما فعله فيها .. فعلمه بالذي حصل .. فابتسم الراعي و هو يدعك
لحيته فقال : اسمعني يا تيسون .. ما اتفقنا عليه هو مقابل عملك لوحدك دون مساعدين
.. و لكن هكذا العمل بدأ في ازدياد و مسؤوليتي كبرت فلا بد علي من زيادة الضرائب
عليك .. فتسائل تيسون و هو حزين و رأسه الى الأرض قائلاً : و هل لي بخيارٍ آخر؟ ..
رد الراعي مباشرة : لا .. فعملي لا يقل عن عملك .. إلا اذا كنت نسيت أفضالي عليك.
فمشى تيسون و هو حزين و يفكر كيف يكمل عمله دون أن يتضرر حيث أن الراعي فرض عليه
ما لا يطاق .. فلم يجد حلا غير أن يحاول أن يزيد المبيعات و بذلك تزداد ربحيته حيث
ان هامش الربح قليل و متطلبات الحياة في ازدياد ، فراح يعمل بجدٍ و بدأ بتوسيع
ميزانية الإعلام لتزيد مبيعات ظنا منه أنها الحل الوحيد ... و بالفعل وُفّق تيسون
في عمله و زادت مبيعاته و الراعي ليس لديه الا المراقبة ففكر في خطة يضيّق فيها
على تيسون المسكين .. فذهب له ذات يوم منادياً : تيسووون .. يا تيسوون ... هب
مسرعا له تيسون و هو يدعو ربه بأن لا يخترع له مزيداً من الشروط و الأنظمة العجيبة
التي بات معتاداً عليها : تفضل يا عمي الراعي .. ما ورائك ؟ .. رد عليه قائلاً :
اسمع يا تيسون أنا أرى انك اجتهدت و عملت جاهداً و نجحت في اجتياز فترات عصيبة مضت
و أنا جدا فخور بك و لكنني يعز علي أن أرى ابناء عمومتك هنا يأكلون ولا يعملون ..
فأريد منك ان تعلمهم الصنعة و ان توعيهم على أهمية العمل .. رد تيسون : شكرا لك و
لاهتمامك .. لكني فكرت فيهم ابتدائاً قبل ان ابدأ بالتوسع و لكنهم كانو يطلبون مالا
أطيق دفعه لهم .. و هم أساساً لا يفكرون في غير النوم و الأكل .. و هذا ناهيك عن
أني لا أحتاج إلى اضافة عمال .. حبث طاقتي الاستيعابية لا تحتمل أن أزيد من العمال
.. فقال له : لكنهم ابناء جلدتك .. و يوما ما ستتركك الخراف المستوردة (و ما الك
الا ولاد البلد) .. راح يفكر تيسون يقلبها يمينا و شمالاً و قال : و ماذا اصنع بمن
معي من عمالة أكفاء من الخارج؟ .. قال له : يجب عليك أن تشغل عن كل خروف أجنبي خروفين
مواطنين ... فرد عليه : و لكن لن اطيق دفع تكاليف اضافية .. رد عليه الراعي : مو
شغلي .. دبر حالك ..
المهم تيسون انتحر و في رواية ان مرارته فقعت .. و توتة توتة .. خلصت
الحدوتة .. حلوة ولا فتفوتة :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق