تابعني على تويتر

الثلاثاء، 27 مايو 2014

اسمع لما قيل و ليس لمن قال ...!


"حب و قول و ابغض و قول" – مثل شعبي

قبل أن نبدأ أحب أن أنوّه بأن (ردود الأفعال/التصرفات) الطبيعية ليست بالضرورة أن تكون هي الجيدة أو الصحية .. و لكنها في المجتمعات البشرية تأتي هكذا .. كَرَدّ الإهانة بالإهانة أو السيئة بالسيئة .. هي ردة فعل "طبيعية" و لكنها ليست أجود أو أفضل تصرف يمكن اتخاذه حيال ما جرى ابتداءً.


في أحد النقاشات مع أحد مَن تهمني آراؤهم عادةً و تعجبني كنا نتناقش في فكرة أن تأخذ ما تراه "حق" من وجهة نظرك و إن كانت من عدوّك أو من سفيه حتى .. و أن ترفض ما تراه "باطل" من وجهة نظرك و إن كانت من أعظم إنسان تقتدي به ، نظرياً كلام لا يختلف عليه إنسان عاقل و لكن مع الأسف لو بحثنا في ما يشد مسامعنا فسنرى كمية التحيّز الطبيعي من الإنسان الغير معيّن لمن يحب أن يستمع له عادةً ..
بمعنى زيد يحب عمرو و يستمع و يتبنى الكثير من آرائه .. يوماً ما وجد زيد من عمرو رأياً سنطلق عليه بأنه غريب نوعاً ما أو أنه مخالف للعادة ...
-          التصرف الطبيعي أنه سيأخذ كلامه و يقول .. "أن عمرو قد يكون أكثر وعياً منّي و كلامه و إن كان غير منطقياً قد يكون مصيباً في هذا الموضع بناءً على الـ "Tracking Record" الذي وجدته منه طوال فترة متابعتي له" ..
-          أما التصرف الجيّد و هو قليلاً ما نجد من يطبقه بأن يأخذ كلامه و يضعه في أنبوب الاختبار و يبدأ بتحليله بناءً على بحث بإسلوب علمي .. و إن كانت النتائج تقول بأنه غير واقعي فلا تحزن فإن عمروً غير معصوم من الخطأ .. و إن نتجنا بأنه محق فشكراً له لما أضافه من معلومات جديدة و تسبب في بحثنا الذي لا بد أننا وجدنا أثنائه أموراً وسعت من مداركنا.
على كل حال و نكمل مثالنا مع أخونا زيد و الذي يسفّه خالداً و بالمصادفة وجد كلاماً بين علامات التنصيص له .. و كان مما يستحسنه و لكن في النهاية أنه "خالد" .. و هو سفيه و رأيه و تحليلاته غير مقبولة .. و لكن قـــــــــد يكون و نؤكد على قد يكون أصاب مصادفة .. و هذا شيء جميل و لكننا لو عدنا لما تفوه به عمرو و سمعه من خالد فإنه بلا أي أدنى شك سيكون "اعتدنا السفاهة من خالد و لا غريب عليه أن يقول مثلما قال" ..
مع أننا لو وضعناه لدى عمرو اختلفت الموازين و قبلها في غالب الأحيان .. سواءً بتحليل و هو السيناريو النادر و إلا فسيؤلها على أنه أعلم منه ..

مع الأسف و كلنا يعلم أنه غالباً ينطبق ما ذكرناه أعلاه في مجتمعنا البشري الميّال بطبعه الى التلحف تحت لحاف الدين أنه سيكون المثال أكثر واقعية لو كان عمرو "رجل دين" و أقول غالباً .. و لا أدعو أنا لتسفيه رجال الدين أبداً مهما قلّ علمهم .. و لكني أدعو لأن نسلّم لكل متخصص تخصصه و أن لا نعبث بها .. و في النهاية لك الحق بعد الاستبيان من "المتخصص" في الأخذ بما يقول أو ضربه بعرض الحائط و لكن لا تسفّه الأشخاص ولا تتحيز و اسمع لما قيل و ليس لمن قال.

مثال أحب أن أذكره و نختم كثير من الأحيان يرفض بعض المتمردين ما يقوله رجال الدين لسبب أو لآخر فيحجهم المتدينين بالمثال المعتاد "لو ذهبت للطبيب و قال لك بأن تفعل كذا و كذا فهل لن تأخذ كلامه .. أم أنك تخشى على صحتك و لا تفكر بآخرتك؟!" و بالنسبة أيضاً لاختيار رجل الدين المعيّن بحكم أننا متشرعين و هو المتخصص .. كيف نختاره؟ .. فينصحني أحدهم بأن اسأل المتخصصين كما لو كنت سأسأل عن طبيب!!!

هنا رسالتي للطبيب المسكين الذي دائماً ما تُلقى على عاتقه التشبيهات السفيهة .. عزيزي الطبيب أصبر و إن شاء الله ستجني ثمار صبرك .. فالمساكين يقارنون نتائج فتواك الطبية و ذات النتائج العاجلة بنتائج رجل الدين الآجلة .. أَعلم أن المقارنة غير عادلة و لكن القوم لا يعلمون .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق