تابعني على تويتر

الاثنين، 5 مارس 2012

مد رجولك ... على قد (حاجتك)


هرم ماسلو للحاجات الإنسانية


قبل بضعة أيام فُتحَ من جديد موضوع يتكرر مع عدة أصحاب و هذا ما جعلني أختاره لأكتب عنه اليوم .. لانني قد أكون وصلت إلى سبب هذه المشكلة الإقتصادية و بالتالي بعد التشخيص يسهل العلاج .. مع العلم أن أغلبنا يشارك في هذه المشكلة التي أعتقد أنها أصبحت جريمة.

هناك فرق كبير بين (الحاجة) و (الكمالية) .. و كلاهما يكون على عدة درجات كما فصل ماسلو الحاجات الإنسانية الى خمس مراحل كما هو موضح في الرسم أعلاه و لكن اختصاراً سأقسم كل منهما على درجتين مع اختلافي في بعض الأمور التفصيلية مع ماسلو لكن اتفق معه في عموم الهرم كما يلي:-
حاجة مُلحّة : كالحاجات الملازمة لاستمرار الحياة بصورة كريمة من أكل و شرب و ملبس و غيرها.
حاجة غير ملحة : يحتاجها الإنسان لكنه يستطيع أن يكمل مسيرته الحياتية بدونها إلى وقت معين و تتحول تلقائياً إلى حاجة ملحّة كالجنس و تكوين العلاقات الاجتماعية و كسب احترام الناس و غيرها
كمالية ملحّة : تكون حاجة إلى حد ما و لكنها تخلتف من كونها تتأثر بالزمان و المكان و تكون مؤثر مساعد لتحقيق الحاجات الملحّة و للتوضيح بعض العلاقات تحتاج الى لباس معيّن لتحقيقها بصرف النظر عن قيمتها في هذه النقطة ، كموظف في غرفة عرض مثلاً في مكان ما و يواجه العملاء أو الزبائن فيحتاج الملابس المعيّنة أو الساعة المعيّنة و كلها لإعطاء الثقة بالمنتج عن طريق مُمَثِّّل المنتج "المسوّق".
كمالية غير ملحّة : و هي الممارسات التي لا تهدف من بعيد و لا قريب إلا لتحقيق هدف واحد و هو جمع الثروة "الجشع" و للتوضيح تكون باقتناء أشياء ، أراضي ، ملابس ، و غيرها لا يمكن أن يحتاجها الإنسان و لا ورثته بأي شكل من الأشكال و لن يستفيدوا منها إلا عن طريق ظلم الآخرين.

تكمن المشكلة الكبرى في الكماليات الغير ملحّة و لا اصرف النظر عن غيرها من كماليات و لكن هي التي تلعب الدور الأكبر في مشكلة التضخم الاقتصادي (على قلة سنع) ؛ يعني أن التضخم ليس إشكالاً بحد ذاته و لكنه يكون مشكلة كبيرة عندما لا يتناسب طردياً مع إجمالي الناتج القومي المحلي "GDP".

كنت أتناقش مع أحد الأقرباء الذي يتاجر في العقار و الذي كان يوافقني من ناحية المبدأ و لكن من ناحية التطبيق (ما حد حولك) و أنا لا ألومه و حده فالكل مشارك في جريمة التضخم و نأخذ العقار مثلاً ؛ كيف؟ و ما هو الموضوع؟

كنت أقول له يا أبا فلان أنا و لله الحمد والدي حفظه الله وفّر لي أرض و لأخي و أختاي كلنا بالمثل في منطقة في القطيف و أنا إن لم أحتاجها اليوم فسيأتي اليوم الذي أحتاجها فيه لبناء منزل العمر .. و لكن أين المشكلة؟ ... المشكلة تكمن في أن والدي اشترى المتر الواحد لقطعة الأرض الواحدة  بـ 158.33 ريال بعد فترة وجيزة من كونها كانت تساوي 75 ريال للمتر الواحد نفسه و لن أستشكل على هذا ، المشكلة أن المتر الواحد الآن (لا يقدّر) و لكن (يباع) بـ 2000 ريال للمتر الواحد ؛ أي أنها كانت تشكل 3.75% من قيمتها الحالية، (هييييي وين رايحة ؟  تستهبلي ؟؟؟!!!) و أقسم بالله العظيم أني لم أسثمر فيها شيء و لم أغير فيها أي شيء إلى يومكم هذا و لكن كنت أجهل من أين هذا التضخم ؛ و المأساة تكمن أني لا أمثل شيئاً كنسبة من أقراني في الفئة العمرية الذين يمتلكون أرضاً في وطنهم الذي يحتوي على أكثر من 24% من احتياطي النفط في كوكب الأرض و بلا منازع أكبر دولة مصدرة للنفط أغلب من هم في عمري لا يملكون أرضاً يبنوها يوماً ما؛ فكان رده "طيب وش نسوي احنا ، ما بإيدنا شي ، إما انك تمشي مع الموجة و تاكل من سمكها أو انك تطالع من بعيد و الكل ياكل من هالخير إلا انت"، و مع الأسف بعدين نتحول إلى زي ما قال زياد الرحباني "بيقولوا لك من عرق جبينو..طلّع مصاري هلإنسان..طيب كيف هيدا و كيف ملايينو ما مرة شايفينو عرقان" (الرأسمالية).

بطبيعة الحال كوني مواطن سعودي سأشير كإخوتي المواطنين بالبنان إلى الحكومة و أقول أنتي يا حكومة المسؤولة J<<<أمزح طبعاً ؛ أنا لكن لا أعفي الحكومة من المسؤولية و لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الشعب نفسه ؛ الحكومة نعم تستطيع التدخل و لكن بشكل محدود حيث أننا لسنا تحت نظام "اشتراكي" و لا "رأسمالي" نحن دولة بنظام "إسلامي" فمن يريد أن يشتري و يبيع يستطيع و له الحرية و من يريد أن يكدح كموظف فله الخيار أيضاً ؛ نعود لمحور الحديث الأساس و هو التضخم الغير طبيعي و هو في مثالنا هذا شراء الأراضي بغير حاجة ببساطة (س) من الناس اشترى أرضاً ليبنيها و نسى موضوع البناء و قال لماذا لا أشتري بما لدي من سيولة نقدية للبناء  أراضي أخرى لأبنائي لأنني أحبهم و لا أريد أن أُتعبهم في تكبّد العناء بجمع المال و غيرها فكان مشكوراً و اشترى لأبنائه مساحة من الأراضي (قد لا يستطيعون بنائها في يوم من الأيام) و لكن لا أعارضه في ما فعل إلى هذه النقطة و لكن من المفترض أن تكون المرحلة التالية هي بناء بيته الشخصي أو أنه بناه خلال المراحل السابقة و بصرف النظر عن الترتيب هنا أطرح سؤال ( لماذا تشتري أراضي إضافية ؟؟) و هناك صنفان من الناس الأول يكون يشتري بهدف الإقتناء متستراً بعبائة الاستثمار و لا أفهم أي استثمار أن تشتري أرضاً و ترميها تتضخم بسبب زيادة الطلب و قلة العرض ؛ و الصنف الآخر يشتريها ليبني مسكناً يؤجره على الناس أو يجهز متجراً يؤجره لمستثمرين آخرين و هكذا دواليك و هذا لا إشكال عليه إلى حد كبير لأنه سيوفر فرص عمل جديدة لمواطنين آخرين و طريقة لتدوير الأموال.
لكن أنت يا من تشتري أرضاً و تتركها جحوراً للضبّان و طيور الهدهد إن صرف هذه الأموال التي تجمدها في أرض لا أنت استثمرتها و لا أنت تركت الفرصة لغيرك باستثمارها أو بنائها (وش تحس فيه؟) أنت واحد من مجموعة مسؤولين عن تضخم أسعار الأراضي و تعسير مسيرة الحياة و توفير حتى الحاجات الأساسية للناس من حولك و أكثر ما تستطيع قوله: "مساكين ، الله يعينهم!".

الأراضي مثال واضح لتمثيل جشع الناس الذين يدعون أنهم ضد الرأسمالية و هم الرأسماليون و لكن قد يكونوا دون تفكير أو بجهالة قد مارسوا الرأسمالية و يدّعون إنكارهم لها و لما ينتج بتطبيقها ، يا من تجمع الأموال و لا ترفه عن نفسك سيأخذ ورثتك كل ما جمعت و لن تذهب بها إلى قبرك؛ و بافتراضنا جدلاً أنك اخذتها لقبرك فهي لن تفيدك لآخرتك.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : "أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا...و أعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"

يمكنكم قياس باقي كمالياتكم اليومية من ملابس زائدة عن الحاجة و بأسعار لا تتناسب مع قيمتها و غيرها ، و الحل بكل بساطة كل واحد منكم يقف من نفسه موقف الحياد و يحاول ان يتنازل عن جشعه و لا يتنازل عن الموجودات الحالية و لكن توقف عن اقتنائك على الأقل هذه الكماليات التي لا تحتاجها من الآن فصاعداً .... و مد رجولك على قد حاجتك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق